الاستثمار أم حفظ القيمة وسلسلة التدمير الذاتي
شهدت الأسواق المصرية تأثرًا كبيرًا برفع الفيدرالي الأمريكي للعملة الأمريكية عدة مرات آخرها كان يوم 14 ديسمبر 2022 بقيمة 0.05% لتصل إلى 4.5%. جاءت من تبعات الرفع خروج أموال من دول تُصنّف بخطورة أمام المستثمرين وملاذ المستثمرين إلى البلد الام لتجنب الخسائر وتحقيق أرباح ثابتة من هذه الفائدة.
في الداخل
حدث تعديلات متتالية تكاد تكون شبه أسبوعية أو يومية على فئات أسعار المنتجات المستوردة بحجة رفع الدولار وسعره في السوق وبحجة أن البائع لن يستطيع امتلاك نفس العدد من المشتريات السابقة ويحاول اللحاق بركب الدولار غير المتوقف. بالطبع، يوجد جدال كبير حول مصداقية واخلاقيات تلك الأساليب في البيع والشراء.
سلسلة التدمير الذاتي
توجد سلوكيات ينتهجها بعض الناس بجهل تؤدي لما أسميه “سلسلة التدمير الذاتي” للاقتصاد المحلي:
دار بين العامة من الناس وكل من لديه مدخرات بالجنيه المصري جدال حول أنسب الطرق لحفظ قيمة الأموال من هذا الانخفاض المتتالي لقيمة العملة أمام سلة العملات الأجنبية وخاصة الدولار. فبعض الناس لجأت لشراء الذهب والآخر للعقارات وأخرين رأو أن انسب طريقة هي شراء المنتجات.
خطورة شراء المنتجات شراء عبثي بحجة حفظ قيمة العملة المحلية في منتجات مستوردة تكمن في خلق طلب مفتعل ومزيف وغير حقيقي على سلعة ما (مثلما حدث في الذهب) فيترائي للمستورد أن السوق بدأ في استهلاك أكبر وبالتالي يبدأ في الحلم في تحقيق مزيد من العوائد فيذهب لشراء الدولار من السوق الداخلية بأي ثمن (إذا كان بسعر 24 حاليا فيمنح من يعطيه الدولار 30) ثم يشتري الكمية الإضافية ويوزعها في السوق، فتتبخر بسرعة البرق نتيجة الطلب المتزايد المزيف من أصحاب فكر حفظ القيمة في المنتجات، فيذهب لاستيراد المزيد عبر جمع الدولار من السوق بسعر أعلى من 30 فيكون السعر 35 ثم 40 ثم 50 ثم 60 ثم إلى ما لا نهاية.
بالطبع يجد أصحاب المنتجات هذه أنفسهم أمام أخطار مثل تقادم المنتج أو فساده وتلفه نتيجة عدم كفائتهم في التخزين أو أي خطار أخرى كالحرائق والكوارث الطبيعية أو عدم وجود طلب في السوق عليها أو دخولهم تحت طائلة القانون لعدم وجود رخص لمزاولة نشاط البيع والشراء وغير ذلك.
خطر إيهام المستوردين بطلب مفتعل للسوق وإنجرار المستورد في رفع سقف سعر العملة في السوق الموازية وإشعال سلسلة التدمير الذاتي للاقتصاد بجلب سلع أكثر وإخراج الدولار وإدخال منتجات أكثر من احتياج السوق لها.
تصدير الوهم للحكومة
تتوهم أيضًا الحكومة بوجود طلب متزايد من المستوردين على الدولار وتحاول توفيره بأي طريقة فتبدأ باقتراض المزيد من جهات التمويل الأجنبية وبالتالي تزيد من عبء الديون الخارجية وفوائدها فيقل التصنيف الائتماني للاقتصاد المحلي أمام المستثمرين ويبدأ الكل في توقع سناريوهات أسوأ وهذه من تبعات سلسة التدمير الذاتي التي افتعلها البعض نتيجة الخوف وعدم الثقة. بالطبع هنا الحكومة تكون متوهمة زيادة الطلب والذي يخدعها في ذلك هو تنامي تعداد السكان والذي بالفعل يزيد من الاستهلاك ولكن لن يكون بهذا الحجم وفي أوقات قياسية مثلما يحدث وهنا يكون مجرد وهم يجب معالجة أسبابه.
الحل
الحل يكون فيما ذكره التاريخ وقاله الرئيس في أكثر من لقاء هو “إذا زاد سعر سلعة، لا تشتريها” وهذه النظرية تدعم تخفيض سعر السلعة لعدم وجود طلب عليها. أضيف إلى ذلك أن يشتري الفرد احتياجاته فقط ولا يزيد. لأن أي زيادة معرضة للتلف وبالتالي خلق طلب وهمي على سلعة ثم هدر المزيد منها في التخزين سواء عند الشركات والموزعين أو المستهلكين والذي بدوره يزيد من الاستهلاك وعدم كفاءة الاستخدام للموارد.
الاستثمار السليم
الاستثمار السليم ليس ما يسمى بحفظ قيمة العملة، لأن المستثمر يكون لديه رؤية واضحة عن طريقة تحقيق ربح في مجال معين ويفهم في كيفية إدارته بنفسه أو عن طريق متخصصين. إذن ما يدور في الشارع عن وسائل حفظ القيمة ليست بالضرورة صحيحة، فأما أن تكون لديك فهم في مجال معين أو لا تنجر وراء إشاعات قد تضعك في خطر فقدان رأس المال.
من افضل أساليب الاستثمار هي شراء الأسهم في الشركات، وهذه الاسهم تجعلك شريكًا في منتجات وأصول الشركة، وبالتالي فأنت تسهم في تطوير الشركة لأعمالها وتحفظ قيمة أموالك في أصول ومنتجات تحقق أرباح ولكن بعيدًا عن وجود أخطار مثل التي يواجهها من يفكر في شراء منتجات بغرض حفظ قيمة العملة.
عندما تحقق الشركات أرباح تعطي أصحاب الأسهم توزيعات للربح في أوقات معينة ويرتفع سعر السهم نتيجة لنتائج الشركات ونجاحاتها وهنا تحقق ربح حقيقي وشرعي وسليم. هذا بالإضافة لمساهمتك في اقتصاد الدولة وتوسع شركاتها في التصدير وهذا يعود بالفائدة على المجتمع ككل ويضمن مستقبلك ومستقبل الأجيال القادمة.
هذه المقالة ليست مكتوبة من ثاندر و ليست نصيحة استثمارية، حيث يجب عليك إجراء البحث الخاص بك، قبل اتخاذ أي قرار استثماري